القرأن والعلم ج3 الصلب والترائب

بسم الله الرحمن الرحيم 
اللهم صل على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين 
الشبهة الثالثة :
كيف يقول خالق الكون ان الانسان يتكون من نطفة تتكون في صلب الرجل وترائب المرأة   فيقول :
}خُلِقَ مِن مَّاءٍ دَافِقٍ} - الطارق [6]
}يَخْرُجُ مِن بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ} - الطارق [7]
الرد :
كما قدمنا في البداية عندما يقال ان العلم يتعارض مع اية معينة يجب ان نراجع كل الوجوه الممكنة للأية فاذا كان العلم يعارض وجه واحد فهذا لا يعني ان الاية تتعارض مع العلم والان سوف انقل وجوه التفسير التي احصها الشيخ ناصر مكارم الشيرازي ومصادرها مذكورة في الكتاب فمن شاء يراجع فليراجع [1] :
1-ان المقصود هو كناية عن العملية الجنسية بين الرجل والمرأة فالرجل هو الصلب والمرأة هي الترائب ونتاج هذا الاجتماع هو ولادة الانسان
2-ان المقصود بالصلب هو ظهر الرجل والترائب هو صدره اي ان الاية تتحدث عن ان الانسان يخلق من ماء الرجل الخارج من بين مقدمة جسم الانسان وبين مؤخرة جسم الانسان
3-اراد خروج الرجل من رحم المرأة فهو يقع بين ظهرها والجزء الامامي من صدرها
4-المقصود به هو اشارة الى مرحلة قديمة من عمر الانسان حيث تنشئ الاعضاء البشرية التناسلية عند الظهر ثم تنزل بعد ذلك الى موضعها الاعتيادي وهنا لابد من شرح موجز قليلاً فنقول ان الاعضاء التناسلية لا تبدوا واضحة في مراحل الجنين الاولى ولا يختلف بين الذكر والانثى وتنشئ من خلايا تسمى Gonads  وهذه الخلايا يكون موضعها قرب الظهر وحسب جنس الجنين سوف تتحول الى اعضاء ذكورية او انثوية ثم تنزل الى موضعها الاعتيادي من الجسم حسب الجنس [2]
5-ان المقصود هنا الرجل وان الدم المغذي للخصيتين يأتي من شريان يلتصق بالعمود الفقري ويستمر الى شريان الابهر الذي يكون قرب الترائب ويدخل في القلب[3]
على ما ذكرناه لا يبقى احتمال للتعارض ابدأً واذا قال شخص انه يعارض عليه ان يخبرنا يعارض اي وجه بالضبط  نعم وردت رواية واحدة في تفسير علي ابن ابراهيم القمي يذكر فيها ان الصلب هو صلب الرجل والترائب هي ترائب المرأة الا ان هذه الرواية ساكتة عن توضيح المعنى فالاية تقول من بينهما لا منهما بل ان القرأن لو كان هنا يقصد تكون النطفة في الظهر وتكون البويضة في المرأة لكان ذلك خلاف للطب المعروف فمثلاً ينقل الرازي قول الملحدين فيقول :

 وَاعْلَمْ أَنَّ الْمُلْحِدِينَ طَعَنُوا فِي هَذِهِ الْآيَةِ، فَقَالُوا: إِنْ كَانَ الْمُرَادُ مِنْ قَوْلِهِ: يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرائِبِ أَنَّ الْمَنِيَّ إِنَّمَا يَنْفَصِلُ مِنْ تِلْكَ الْمَوَاضِعِ فَلَيْسَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ، لِأَنَّهُ إِنَّمَا يَتَوَلَّدُ مِنْ فَضْلَةِ الْهَضْمِ الرَّابِعِ، وَيَنْفَصِلُ عَنْ جَمِيعِ أَجْزَاءِ الْبَدَنِ حَتَّى يَأْخُذَ مِنْ كُلِّ عُضْوٍ طَبِيعَتَهُ وَخَاصِّيَّتَهُ، فَيَصِيرُ مُسْتَعِدًّا لِأَنْ يَتَوَلَّدَ مِنْهُ مِثْلُ تِلْكَ الْأَعْضَاءِ، وَلِذَلِكَ فَإِنَّ الْمُفْرِطَ فِي الْجِمَاعِ يَسْتَوْلِي الضَّعْفُ عَلَى جَمِيعِ أَعْضَائِهِ، وَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ أَنَّ مُعْظَمَ أَجْزَاءِ الْمَنِيِّ يَتَوَلَّدُ هُنَاكَ فَهُوَ ضَعِيفٌ، بَلْ مُعْظَمُ أَجْزَائِهِ إِنَّمَا يَتَرَبَّى فِي الدِّمَاغِ، وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ أَنَّ صُورَتَهُ يُشْبِهُ الدِّمَاغَ [4]

فهذه هي شبهة الملحدين في ذلك الزمان وهذه هي شبهة الملحدين المعاصريين نعم العرب كانوا يعرفون ان المني يتكون في الخصية وهذا ليس غائب بل معروف عندهم فيقول ابن سينا :
قد خلق الأنثيان كما علمت، عضوين رئيسين يتولد فيهما المني من الرطوبة المتحلبة إليهما في العروق،[5]
بل هذا معروف في الفقه الاسلامي ان دية الخصية هو النصف لأن فيها النسل :
فعند السنة ينقل ابن قدامة:
حكي عن سعيد بن المسيب ، أن في اليسرى ثلثي الدية ، وفي اليمنى ثلثها ; لأن نفع اليسرى أكثر ; لأن النسل يكون بها[6]
وعند الشيعة :
عن أبي يحيى الواسطي ، رفعه إلى أبي عبدالله ( عليه السلام ) قال : الولد يكون من البيضة اليسرى فاذا قطعت ففيها ثلثا الدية ، وفي اليمنى ثلث الدية [7]
وهنا انا لا استدل بهذه الاحاديث على انه فعلاً الخصية اليسرى يتولد منها الولد لأن الحديث هذا لم يصح عند اهل العلم الا انني اريد ان اشير الى ان الثقافة العامة كانت تعرف ان المني يتولد في الخصية فالقرأن بالتأكيد لا يقصد ان مني الرجل يأتي من صلب الرجل
ينبغي ان نذكر مسئلة ان الاحتجاج بتفاسير التابعين والصحابة استدلال ناقص فنحن لا نرى حجية لها بنفسها والتفسير اللغوي ليس كافي لوحده في فهم القرأن لأن المجاز والتشبيه وارد في الادب الفصيح
والحمد لله رب العالمين 
--
[1] التفسير الامثل ج20 ص109
[2] https://goo.gl/HkF9f3
[4] تفسير الرازي ج31 ص120
[5] القانون في الطب ج3 ص404
[6] الشرح الكبير ج9 ص580

[7] وسائل الشيعة كتاب الديات

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

دليل الحدوث -مفصل-

ازلية الطاقة -محسن-

هل يوجد في القرأن اخطاء املائية او نحوية ؟