علاء كاظم : الكلمات الاعجمية في القرأن

بسم الله الرحمن الرحيم 
اللهم صل على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين


تتكرر شبهة وجود ألفاظ أعجمية في القرآن الكريم في المنتديات والمواقع المعادية للإسلام والقرآن، والباحثة عن أخطائه، وهي شبهة واضحة البطلان ويتضح بطلانها بأدنى تأمل، ومن أجل بيان فسادها بشكل واضح نسجل بعض التعليقات، فنقول:

اولا: إن النبي محمد لو لم يكن -جدلا- نبيا فإن مما لاريب فيه أنه كان من أكمل الناس عقلا وذكاء، وكان له أعداء كثيرون، وكان له أتباع عقلاء أيضا، ومن السخافة أن نعتقد بأنه يأتي بكلام واضح الخلل ثم يدعي أنه أبلغ الكلام.
وهل يجازف عاقل بغرض هو بحجم الغرض النبوي وخطورته فيدعي امرا يسهل التفطن لخطئه فينسف بذلك كل جهوده، وما أسس له وشيده من أجل بعض كلمات لا تضيف المزيد الى غرضه، فيما لو كانت هذه الكلمات أعجمية ومضرة بعربية القران فعلا.

ثانيا: إن خصوم النبي اعترضوا عليه واتهموه بالجنون والسحر والشعر ، ولكن لم يعترض أحد بوجود كلمات أعجمية في القران ومنافاة ذلك لعربيته، وهذا يثبت عدم وجود ما يخالف البلاغة في القران عندهم.

ثالثا: لا يتجاوز عدد الكلمات المدعى كونها أعجمية (150) كلمة اختلف فيها وهل هي معربة أم عربية، وهى مفردات وليست تراكيب، بل أسماء مفردة لأشخاص أو أماكن أو معادن أو آلات الخ.
فهذا السيوطي صاحب كتاب (المهذب فيما وقع في القران من المعرب) لم يجد أكثر من 125 كلمة، وهو يقول في نهاية كتابه:

(فهذا ما وقفت عليه من الألفاظ المعربة في القرآن بعد الفحص الشديد سنين وسعة النظر والمطالعة ولم تجتمع قبل في كتاب قبل هذا)

ونحن نعلم أن عدد كلمات القران يتجاوز (77000) كلمة، فما نسبة (150) كلمة منها؟

رابعا: لا منافاة بين عربية الكلام ووضوحه وبين تضمينه بعض الألفاظ المعربة، بعد أن دخلت هذه الكلمات إلى نسيج اللغة وانسجمت معها.
وخير دليل على ذلك احتواء الكلام العربي الفصيح -المتفق على بلاغته- مثل المعلقات وعيون الشعر على ألفاظ معربة، ونحن نذكر بعض الشواهد على ذلك:
1- مثل تضمين لفظ السجنجل في قول امرئ القيس:
مُهَفْهَـفَـةٌ بَيْـضَـاءُ غَـيْـرُ مُفَـاضَـةٍ .........تَرَائِبُـهَـا مَصْـقُـولَـةٌ كَالسَّجَـنْـجَـلِ
2- وكذلك كلمة (الجُمان) مثلا، وهي الدرة المصوغة من الفضة، وأصل هذا اللفظ فارسي، ثم عُرِّب، وقد جاء في قول لبيد بن ربيعة في معلقته:
وتضيء في وجه الظلام منيرة ...... كجمانة البحري سلَّ نظامها

3- وكذلك (طنبور وصنج) وهما آلتان موسيقيتان، في قول الأعشى:

وطنابير حسان صوتها .....عند صنج كلما مس أرن
وكلمة مهارق في قوله:
ربي كريم لا يكدر نعمة .....واذا يناشد بالمهارق أنشدا
4- ومثل قول عنترة بن شداد:
ماءُ الحياة بذلة كجهنم .....وجهنم بالعزَّ أطيبُ منزل
فقد ذكر السيوطي في المهذب:
((جهنم) : ذهب جماعة إلى أنها أعجمية، وقال بعضهم فارسية معربة. وقال آخرون: هي تعريب كهنام بالعبرانية.
أكتفي بهذه الأمثلة ولو أردت الاستقصاء لطال بنا المقام.

الخلاصة:
إن المفردات غير العربية التي وردت في القرآن الكريم ، وإن لم تكن عربية في أصل الوضع اللغوي فهي عربية باستعمال العرب لها قبل عصر نزول القرآن وفيه..
وكانت سائغة ومستعملة بكثرة في اللسان العربي قبيل نزول القرآن وبهذا الاستعمال فارقت أصلها غير العربي ، وعُدَّتْ عربية نطقاً واستعمالاً وخطاًّ.
إذن فورودها في القرآن مع قلتها وندرتها إذا ما قيست بعدد كلمات القرآن لا يخرج القرآن عن كونه " بلسان عربي مبين "
لأن هذه الألفاظ كانت مأنوسة الاستعمال عند العرب حتى قبل نزول القرآن ، وشائعة شيوعاً ظاهراً في محادثاتهم اليومية وكتاباتهم الدورية.
وهى مفردات وليست تراكيب. بل أسماء مفردة لأشخاص أو أماكن أو معادن أو آلات.
وكما لم تضر الفاظ معربة في معلقة امرئ القيس ومعلقة لبيد بن ربيعة وأشعار غيرهم، لأنها نسبة لا تكاد تذكر كذلك هي في القران،علما أن العرب قد استعملوها وأصبحت ضمن المفردات المألوفة لهم.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

دليل الحدوث -مفصل-

ازلية الطاقة -محسن-

هل يوجد في القرأن اخطاء املائية او نحوية ؟