العلم والقرأن ج1 [وَمِن كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ]

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين المعصومين

سوف اعرض هنا بعض ما يتناقله الملحدين في مواقعه وكذلك في صفحات الفيس بوك كدليل على  ان القران ليس كتاب الهي  مع ان هذا بنفسه ليس دليل على عدم وجود الاله بل كل ما يدل عليه هذا الامر هو عدم صحة الاسلام  مع ذلك نلاحظ كثرة تركيز الملحدين على هذا الامر سوف اطرح الشبهات التي عثرت عليها .
قواعد عامة قبل النقاش :
1- تفسير الملحد للأية لا يعتبر صحيح ولن يعتبر له قيمة
2-ان التعارض يعني تعارض كل الوجوه الممكنة لتفسير الاية مع العلم وليس احدها لأن هذا يعني تعارض ذلك الوجه من التفسير فقط مع العلم لا القرأن نفسه
الشبهة الاولى :
هذه الشبة مخصصة بهذه الايات الكريمة :
1-
وَمِن كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ   الذاريات (49)
2-وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الْأَرْضَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْهَارًا وَمِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ جَعَلَ فِيهَا زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ   الرعد (3)
3-حَتَّىٰ إِذَا جَاءَ أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ قُلْنَا احْمِلْ فِيهَا مِن كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلَّا مَن سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ وَمَنْ آمَنَ وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ   هود (40)

موضع الشبهة هنا هو حسب المتكلم ان الله جعل كل المخلوقات جنسين ونحن نعرف بوجود مخلوقات لا جنسية وكذلك احادية الجنس وكذلك هناك مخلوقات ليست مقسمة فقط على اساس جنسين فالنحل مثلاً يتكون من عاملات وملكات والذكور ايضاً وجود الخنثى في الحيوانات ايضاً والامثلة التي ضربها على حيوانات ليست جنسية هي خيار البحر قرش المطرقة واغلب الرخويات

الرد على الشبهة الاولى :
بالبداية يجب ان نحلل الايات قبل الرد على الشبهة لأن نصف الجواب في فهم الايات نفسها
الاية الاولى هل تتحدث عن الحيوانات ؟ تقريباً المفسرين مجمعين على انها لا تتكلم عن المخلوقات الحية فمثلاً الشيعة :
،عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زَيْدٍ الطَّبَرِيِّ،قَالَ: سَمِعْتُ الرِّضَا(عَلَيْهِ السَّلاَمُ)... بِخَلْقِهِ الْأَشْيَاءَ عُلِمَ أَنْ لاَ شِبْهَ لَهُ،وَ بِمُضَادَّتِهِ بَيْنَ الْأَشْيَاءِ عُلِمَ أَنْ لاَ ضِدَّ لَهُ،وَ بِمُقَارَنَتِهِ بَيْنَ الْأُمُورِ عُرِفَ أَنْ لاَ قَرِينَ لَهُ،ضَادَّ النُّورَ بِالظُّلْمَةِ،وَ الشَّرَّ بِالْخَيْرِ مُؤَلِّفٌ بَيْنَ مُتَعَادِيَاتِهَا ،مُفَرِّقٌ بَيْنَ مُتَدَانِيَاتِهَا،بِتَفْرِيقِهَا دَلَّ عَلَى مُفَرِّقِهَا،وَ بِتَأْلِيفِهَا عَلَى مُؤَلِّفِهَا،قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: وَ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنٰا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ .[1]
فمن النص ان معنى الكلام ان الله خلق الكون على شكل اضداد حرارة وبرودة شر وخير نور وظلمة لا يتكلم عن الحيوانات او النباتات
ونفس الكلام عن امير المؤمنين علي بن ابي طالب عليه السلام :
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ(عَلَيْهِ السَّلاَمُ) قَالَ: «بَيْنَا أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ(عَلَيْهِ السَّلاَمُ)يَخْطُبُ عَلَى مِنْبَرِ الْكُوفَةِ،  بِمُقَارَنَتِهِ بَيْنَ الْأَشْيَاءِ عُرِفَ أَنْ لاَ قَرِينَ لَهُ،ضَادَّ النُّورَ بِالظُّلْمَةِ،وَ الْجُسْوَ [1]بِالْبَلَلِ،وَ الصَّرْدَ بِالْحَرُورِ،وَ مُؤَلِّفٌ بَيْنَ مُتَعَادِيَاتِهَا،مُفَرِّقٌ بَيْنَ مُتَدَانِيَاتِهَا،دَالَّةً بِتَفْرِيقِهَا عَلَى مُفَرِّقِهَا،وَ بِتَأْلِيفِهَا عَلَى مُؤَلِّفِهَا،وَ ذَلِكَ قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَّ: وَ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنٰا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ [2]
وهذا الفهم لم يكون فقط عند الشيعة فالسنة مثلاً  يقول الطبري :
واختلف في معنى (خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ) فقال بعضهم : عنى به : ومن كلّ شيء خلقنا نوعين مختلفين كالشقاء والسعادة ، والهدى والضلالة ، ونحو ذلك
. قال مجاهد : الكفر والإيمان ، والشقاوة والسعادة ، والهدى والضلالة ، والليل والنهار ، والسماء والأرض ، والإنس والجنّ . وقال آخرون : عنى بالزوجين : الذكر والأنثى . وأولى القولين في ذلك قول مجاهد [3]

كذلك قال ابن كثير :
( وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ ) أَيْ : جَمِيعُ الْمَخْلُوقَاتِ أَزْوَاجٌ : سَمَاءٌ وَأَرْضٌ ، وَلَيْلٌ وَنَهَارٌ ، وَشَمْسٌ وَقَمَرٌ ، وَبَرٌّ وَبَحْرٌ ، وَضِيَاءٌ وَظَلَامٌ ، وَإِيمَانٌ وَكُفْرٌ ، وَمَوْتٌ وَحَيَاةٌ ، وَشَقَاءٌ وَسَعَادَةٌ ، وَجَنَّةٌ وَنَارٌ ، حَتَّى الْحَيَوَانَاتُ ، جِنٌّ وَإِنْسٌ ، ذُكُورٌ وَإِنَاثٌ ، وَالنَّبَاتَاتُ ، وَلِهَذَا قَالَ : ( لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ) أَيْ : لِتَعْلَمُوا أَنَّ الْخَالِقَ واحدٌ لَا شَرِيكَ لَهُ[4]

اذاً هذه الاية لا تتكلم عن الحيوانات او النباتات اصلاً بل تتكلم عن  قانون وجودي هو التضاد وهذا التضاد دليل على وحدانتيه سبحانه وتعالى
تحليل الاية الثانية :
هذه الاية تتكلم عن الثمرات اي النباتات التي لها ثمار مقطوفة وقبل ان نكمل لنراجع قاموس المصطلحات العلمية وخصوصاً كلمة ثمار :
The seed-bearing structure in angiosperms formed from the ovary after flowering.
الترجمة : البنية الحاملة للبذرة في كاسيات البذور تتكون من المبيض بعد الازهار [5]
اذا النباتات تمتاز بكونها كائنات مبيضية ماذا يعني هذا ؟ هذا يعني ان هناك عملية جنسية بين ذكر وانثى وربما يقال لكن بعض الزهور تحمل اجهزة الاذكار والتأنيث معاً نقول ليس شرط في الكائنات الحية ان تكون كلها مماثلة لنموذج الانسان اي ان كل كائن منفصل بل يكفي ان تكون هناك عملية تلقيحية لكي يطلق على هذا الامر انها كائنات جنسية وهذا الشرط علمي ايضاً فلا تسمى الكائنات الخنثية بأنها لا جنسية وعليه فكلام القرأن صحيح ان الثمار تنتج من نباتات جنسية ذكر وانثى . ايضاً لا يمكن ان تطبق هذه الاية على الكائنات غير الثمرية لأنها ليست داخلة ضمن الاية .
والامر الاخر ان هذه الاية ايضاً لم يفهمها احد على انها محصورة في الثنائية الجنسية فمثلاً عند الشيعة يقول السيد الطباطبائي  :
أي ومن جميع الثمرات الممكنة الكينونة جعل في الأرض أنواعا متخالفة نوعا يخالف آخر كالصيفي والشتوي والحلو وغيره والرطب واليابس. هذا هو المعروف في تفسير زوجين اثنين فالمراد بالزوجين الصنف يخالفه صنف آخر سواء كانا صنفين لا ثالث لهما أم لا ، نظير ما تأتي فيه التثنية للتكرير كقوله تعالى : « ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ » : الملك : ٤ أريد به الرجوع كرة بعد كرة وإن بلغ من الكثرة ما بلغ. [6]
ويقول السيد عبد الله شبر رحمه الله :
ومن كل الثمرات من انواعها جعل فيها زوجين صفنين اثنين كالحلو والحامض والليل والنهار ونحوها [7]
وقد يقول قائل لكن هناك اكثر من نوع فنقول ان الثنوية هنا على نحو الاقل كما في قول الله عز وجل ارجع البصر كرتين فالمقصود حتى لو ارجعت اكثر من ذلك لن يتغير الامر كذلك الاختلاف المقصود هنا الاختلاف الثنوي او اكثر كما اشار السيد الطباطبائي  
هذا هو المعروف في تفسير زوجين اثنين فالمراد بالزوجين الصنف يخالفه صنف آخر سواء كانا صنفين لا ثالث لهما أم لا
واما عند السنة فأيضاً نفس الفهم  يقول ابن جزي :
زوجين اثنين يعني صنفين من الثمر كالأسود والأبيض والحلو والحامض فإن قيل تقتضي الآية أنه تعالى خلق من كل ثمرة صنفين وقد خلق من كثير من الثمرات أصناف كثيرة والجواب أن ذلك زيادة في الاعتبار وأعظم في الدلالة على القدرة فذكر الاثنين لأن دلالة غيرهما من باب أولي وقيل إن الكلام تم في قوله من كل الثمرات ثم ابتدأ بقوله جعل فيها زوجين يعني الذكر والأنثى والأول أحسن [8]
وهناك وجه ثالث قال به الرازي ان اول خلق النباتات من زوجين وانه بعد ذلك اختلفت النباتات قال :
قِيلَ إِنَّهُ تَعَالَى أَوَّلَ مَا خَلَقَ الْعَالَمَ وَخَلَقَ فِيهِ الْأَشْجَارَ خَلَقَ مِنْ كُلِّ نَوْعٍ مِنَ الْأَنْوَاعِ اثْنَيْنِ فَقَطْ، فَلَوْ قَالَ: خَلَقَ زَوْجَيْنِ لَمْ يُعْلَمْ أَنَّ الْمُرَادَ النوع أَوِ الشَّخْصُ. أَمَّا لَمَّا قَالَ اثْنَيْنِ عَلِمْنَا أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَوَّلَ مَا خَلَقَ مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ لَا أَقَلَّ وَلَا أَزْيَدَ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ النَّاسَ فِيهِمُ الْآنَ كَثْرَةٌ إِلَّا أَنَّهُمْ لَمَّا ابْتَدَءُوا مِنْ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ بِالشَّخْصِ هُمَا آدَمُ وَحَوَّاءُ، فَكَذَلِكَ الْقَوْلُ فِي جَمِيعِ الْأَشْجَارِ وَالزَّرْعِ واللَّه أَعْلَمُ. [9]
من خلال ما قدمنها فأن اردنا الالتزام بالمعنى الحرفي فهي تتكلم عن النباتات المثمرة فقط
وان اردنا بمعنى التغاير العام ايضاً لا يخالف العلم
وان اردنا اصل خلق النباتات  من زوجين فقط ايضاً لا يخالف العلم
تحليل الاية الثالثة :
هذه الاية تتحدث عن حمل نوح للحيوانات معه وهنا نسئل هل نوح امر بأن يحمل خيار البحر ؟ هل امر بحمل البكتريا ؟ هل امر بحمل قرش المطرقة ؟ الجواب لا طبعأً  بل امر بحمل حيوانات اليابسة الثديات

يمكن ان يعترض الملحد قائلاً هنا حيوان يتكون من جنس واحد وهو سحلية الصحراء المكسيكية او ما يعرف ب[genus Aspidoscelis] فهذه السحلية تتكون من جماعات من الاناث فقط ولكن هنا ينسى الملحد ما يقول فهو يتكلم عن اناث وهنا نسئل هل يعرف لماذا تسمى اناث ؟ لم لا تسمى بلا اي جنس ؟  الجواب من الاحيائي بيتر بوامن :
Long ago, Baumann says, lizards of the genus Aspidoscelis had “a hybridization event”—that is, females of one species broke form and mated with males of another species. Those outlier liaisons gave whiptails robust heterozygosity, which has been preserved by the identical replication—essentially, cloning—that occurs in asexual reproduction. It’s a genetic-diversity advantage that today’s females still enjoy and propagate..
الترجمة : منذ وقت طويل كانت سحالي [genus Aspidoscelis] قد حصل لها حادث تهجين حصل عبر ان الاناث من فصيل انفصلت وتزواجت مع ذكور من فصيل اخر هذه العلاقات الخارجية اعطت لهذه السحالي تغاير زوجي قوي ويحفظ هذا التغاير من خلال التكرار المشتابه ببساطة الاستنتاسخ الذي يحصل في العمليات غير الجنسية لكنه تغايير نشط الى درجة ان السحالي الاناث الى اليوم تتمتع به . [10]

اذاً في الحقيقة كان هناك ذكور واناث لهذا النوع من الحيوانات لكن الاناث استغنت عن الذكور بعد فترة من الزمن بسبب "تطويرها" القدرة على الاستنساخ

بالتالي هذه الاية ايضاً لا تتعارض مع العلم فيجب عليه اولاً ان يأتي بحيوان ارضي وثانياً ان يكون ذلك الحيوان بلا جنس فمثلاً اذا كان الحيوان يتكاثر بدون عملية جنسية لا يعتبر علمياً بدون جنس ومثاله هذه السحلية التي يينا انها تسمى اثنى علمياً
--
[1] تفسير البرهان ج5 ص169
[2] تفسير البرهان ج5 ص 169
[3] تفسير الطبري ج22 ص493
[4] تفسير ابن كثير ج 7 ص424
[6] تفسير الميزان ج 11 ص292
[7] تفسير عبد الله شبر ص 321
[8] التسهيل لعلوم التنزيل ج1 ص 399
[9] التفسير الكبري ج19 ص 7
[10] http://www.nationalgeographic.com/magazine/2016/11/basic-instincts-whiptail-lizard-asexual-reproduction/



تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

دليل الحدوث -مفصل-

ازلية الطاقة -محسن-

هل يوجد في القرأن اخطاء املائية او نحوية ؟