لماذا لا نرى الله

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وال محمد



مقدمة :
يطرح هذا السؤال على المؤمنين ومن المؤمنين ايضاً يطرحه غير المؤمنين بطريقة اذا كان الله موجوداً فلم لا نراه ولم لا يظهر لنا ويحل الخلاف الحاصل بين الملحدين وبين غير الملحدين ويحل الخلاف ككل من البشرية ؟ وكذلك يطرحه المؤمن غير العارف بعقيدته كفضول يرد في عقله وفي هذه الاسطر القليلة سوف اضع جواباً اسئل الله ان يتقبله مني

مناقشة السؤال من عدة جهات:
الجهة الاولى :
الاجابة على هذا السؤال عقلاً مرتبط بتعريف مهم لأمرين الامر الاول هو ما المقصود بالادراك والامر الثاني ما هي طرق الادراك البشرية من خلال تعريف الامرين المذكورين سوف تتكون لنا صورة اوضح ان من يطرح هذا السؤال يحد الادراك البشري بما يراه فقط

فلو قلنا ان الادراك هو عملية الوعي بالشيء من خلال العقل والحواس
فسوف تكون من خلال هذا التعريف وسائل الادراك هي الحواس [لمس,شم,ابصار,سمع] والطرق العقلية هي [الاستنتاج العقلي,الاستنتاج المنطقي] ولا يمكن ان تكون حاسة البصر هي وسيلة الادراك الوحيدة حسب تعريفنا السابق عندها لا يمكن لعاقل ان يقول ان ادراك حاسة مفضل على ادراك العقل مثلاً فما يدركه العقل ادراكأً لا نقاش في صحته لا يعتبر اقل صحة من ما تدركه الابصار مثلاً ولنضرب مثال :
ان شخص وجد شخص مطعون في ظهره فعقله بالتأكيد سوف يدرك ان هذا الشخص قتل وان هناك قاتل وليس هناك عاقل سوف يقول له طالما لم ترى الشخص يقتل بعينك وتسمع صوت السكين تضرب باللحم فهذا الشخص لم يقتل ولا يوجد قاتل
واذا طبقنا الامر على مسألة وجود الخالق لا يمكن لعاقل ان يقول طالما لم ارى الكون يخلق بعيني فلا خالق حتى اراه بعيني لأنه يوجد اسباب عقلية تثبت وجود ذلك الخالق والانكار هنا ليس الا انكار عاطفي  ثم مثلاً هناك الامراض العقلية التي تصيب الدماغ والتي تجعل المريض يرى اشياء غير موجودة مثالها مرض باركنسن الذي يجعل الشخص يرى حشرات ويرى اشخاص ويرى اشكال غير موجودة فعندها اصبح البصر ليس امراً مسلم به لا يأتي الباطل فلو فرضنا مثلاً ان الله والعياذ به ظهر لشخص معين متجسداً ما المانع ان يتهم ذلك الشخص بصره ويقول انا أهلوس ؟ بل ان الهلوسات التي تحصل عند الانسان تصل الى حالة شم روائح لا وجود لها وسمع اصوات تتكلم في رأس الانسان وحتى تذوق مذاقات في الفم [1]


الجهة الثانية :
هل اذا ظهر الله جهراً يعني بالضرورة نهاية كل نقاش ؟ في الواقع لا طبعاً وهذا يخبرنا به الواقع فكم معجزة اتى بها الانبياء رفضها الناس بعد ان رأوها بعيونهم ؟ ثم هل ظهور الله جهراً سوف يكون حجة على الاعمى ؟ سوف يقول الاعمى انا لا اقدر ان ارى الله ؟ في هذه الحالة ماذا سوف يفعل الملحد هل سوف يقول يجب على الله ان يشفي عيونه اذا كان موجود ثم يظهر له جهراً ؟

الجهة الثالثة :
لو فرضنا ان الله سوف يتجسد من اجل البشر حتى يعرفون انه هو خالقهم كيف سوف يعرفون انه خالقهم فعلاً ؟ ما هو الشكل الذي اتفق البشر على انه شكل الخالق ؟ ربما يقول شخص سوف نعرف انه الخالق من خلال انه يجعلنا نعرف انه الخالق اي يلقي في قلوبنا انه الخالق عندها نقول له انت هنا نفيت الحاجة الى ان ترى الله اذاً فالله يستطيع ان يفعل ذلك دون ان يتجسد من اجلك فلماذا تشترط ان يتجسد الله حتى تؤمن به ؟ ولعل اخر يقول يرينا معجزة فنقول في هذه الحالة ايضاً اصبحت الرؤية بالعين امر ثانوي والامر الرئيسي هو المعجزة وهذا يضرب السؤال والطلب عرض الحائط

الجهة الرابعة :

ان التجسد امراً مرفوض عقلاً على الذات الالهية لأن الجسد صفة الحوادث فالاجساد لا تخلوا من التقسيم الى اجزاء اخرى وكذلك ان الاجساد لا تخلوا من الحركة والذي يريد ان يرى الله يتجسد له هو يريد ان يتحول الله من كونه قديم الى كونه حادث متحرك ويريد من الله ان يصبح مكون من اشياء هو خلقها فيصبح ذرات وجزئيات وربما يكون له اعضاء ايضاً !! وهذا الكلام بلا شك هو كلام باطل على القديم العظيم المتعالي عن الحاجة فكيف يتصور شخص ان الله يصبح محتاج بهذه الطريقة ؟

الجهة الخامسة :
ان الله عز وجل وضع على عباده درجة من الايمان هي الايمان بالغيب فقال سبحانه وتعالى :
الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ أُولَٰئِكَ عَلَىٰ هُدًى مِّن رَّبِّهِمْ ۖ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ

فالله سبحانه وتعالى اشترط على عباده الصالحين ان يكون لهم درجة من الايمان اعلى من ايمان الحواس فسبحانه تعالى عن ان تدركه مخلوقاته ومصنوعاته
وليس المقصود بالغيب ما لا دليل عليه بل المقصود به ما لا يدرك بالحواس 

والحمد لله رب العالمين .


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

دليل الحدوث -مفصل-

ازلية الطاقة -محسن-

هل يوجد في القرأن اخطاء املائية او نحوية ؟