حد المرتد عن الاسلام


بسم الله الرحمن الرحيم 
اللهم صل على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين واللعن الدائم على اعدائهم اجمعين 

قبل الكلام عن حد الردة يجب ان نضع مقدمات واضحة نبني عليها ما سوف نقوله وهي كالالتي : 
1-ان العلاقة الاجتماعية التي يعترف بها الاسلام هو هل الشخص مسلم ام ليس مسلم ولا يعترف لا بقومية ولا وطنية ولا عرق 
2-ان احكام الاسلام تعرف من خلال كتاب الله وسنة نبيه المروية على لسان المعصومين ثم بعد ذلك كلام العلماء الموضح والشارح لهذه السنة مع الدليل فلا مجال للاهواء والاراء والاستحسانات في الاسلام ابداً 
3-ان المسلم يجب ان يأخذ مفاهيم الحرية من الاسلام فقط وليس من الثقافات الارضية التي اما تحدها جداً او تفتحها كل الفتح 

بعد هذا التوضيح سوف اجعل الكلام قسمين قسم في اثبات الحد وقسم في الرد على غير المسلمين المنكري على الاسلام هذا الحد 

اثبات الحد : 

بما اننا جعلنا عماد الاسلام كتاب الله وسنة نبيه فقد وردت روايات عديدة عن ال محمد تثبت هذا المعنى وسوف نذكر احاديث صريحة مع تصحيح العلماء للروايات : 
الدليل القرأني : قول الله تعالى عز وجل : 

(وَ إِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ بِاتِّخَاذِكُمُ الْعِجْلَ فَتُوبُوا إِلَى بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ عِنْدَ بَارِئِكُمْ)

ولم يرد في تفسير الاية الا ما نقله الطبرسي قال : 
فروي أن موسى أمرهم أن يقوموا صفين، فاغتسلوا ولبسوا أكفانهم، وجاء هارون باثني عشر ألفا ممن لم يعبدوا العجل، ومعهم الشفار المرهفة ، وكانوا يقتلونهم. فلما قتلوا سبعين ألفا تاب الله على الباقين، وجعل قتل الماضين شهادة لهم. 
تفسير مجمع البيان ج1 ص218
ويرد على هذه الاية امرين الاول ان الاية تتكلم عن شريعة موسى لا شريعة نبينا محمد صل الله عليه واله وسلم والامر الثاني ان التفسير المذكور مرسل وراويه لم يذكر انه نقله عن المعصوم وللرد نقول : 
انه ما ذكر من شرائع الانبياء يكون صحيح الا اذا ورد الدليل على نسخه من شريعتنا ولم نجد مصدر قرأني او حديثي ينسخ هذه الشريعة 
اما بخصوص كون التفسير مروي ارسالاً وليس عن المعصوم فهذا لا يرد به ظاهر الاية الامرة بقتل المرتدين عن دين موسى عليه السلام وانما نقلناه تجوزاً حتى لا يفسر الاية بكونها غير القتل 
واما الدليل الحديثي :
1-  ابْنُ مَحْبُوبٍ  ، عَنْ سَيْفِ بْنِ عَمِيرَةَ ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ الْحَضْرَمِيِّ : عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ عليه‌السلام ، قَالَ : « إِذَا ارْتَدَّ الرَّجُلُ الْمُسْلِمُ عَنِ الْإِسْلَامِ ، بَانَتْ مِنْهُ امْرَأَتُهُ كَمَا تَبِينُ الْمُطَلَّقَةُ  ، وَإِنْ  قُتِلَ أَوْ مَاتَ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ ، فَهِيَ تَرِثُهُ فِي الْعِدَّةِ ، وَلَا يَرِثُهَا إِنْ مَاتَتْ وَهُوَ مُرْتَدٌّ عَنِ الْإِسْلَامِ » ابْنُ مَحْبُوبٍ ، عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ رَزِينٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ ، قَالَ :سَأَلْتُ أَبَا جَعْفَرٍ عليه‌السلام عَنِ الْمُرْتَدِّ؟ فَقَالَ : « مَنْ رَغِبَ عَنْ دِينِ  الْإِسْلَامِ ، وَكَفَرَ بِمَا أَنْزَلَ اللهُ  عَلى مُحَمَّدٍ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بَعْدَ إِسْلَامِهِ ، فَلَا تَوْبَةَ لَهُ  ، وَقَدْ وَجَبَ قَتْلُهُ ، وَبَانَتِ امْرَأَتُهُ مِنْهُ ، فَلْيُقْسَمْ  مَا تَرَكَ عَلى وُلْدِهِ ». 

الكافي الشريف طبعة دار الحديث ج13 ص712-713

العلامة المجلسي : الاسناد الاول موثق الاسناد الثاني صحيح مرأة العقول ج21 ص289 \
السيد الخوئي : صحيحة موسوعة السيد الخوئي ج41 ص395 
الشيخ جعفر السبحاني : الاسنادين احدهم اصح من الاخر شبهات وردود ص137 
الميرزا جواد التبريزي :صحيحة  اسس الحدود والتعزيرات ص 414 
وغيرها الكثير من التصحيحات

2-عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا ، عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ ؛ وَعَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ أَبِيهِ ؛ وَمُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ جَمِيعاً ، عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ ، عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ ، عَنْ عَمَّارٍ السَّابَاطِيِّ ، قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِ عليه‌السلام يَقُولُ : « كُلُّ مُسْلِمٍ بَيْنَ مُسْلِمَيْنِ  ارْتَدَّ عَنِ الْإِسْلَامِ ، وَجَحَدَ مُحَمَّداً صلى‌الله‌عليه‌ وآله‌ وسلم نُبُوَّتَهُ وَكَذَّبَهُ ، فَإِنَّ دَمَهُ مُبَاحٌ لِكُلِّ مَنْ  سَمِعَ ذلِكَ مِنْهُ 

العلامة المجلسي : صحيح مرأة العقول ج23 ص400
السيد الخوئي : معتبرة موسوعة السيد الخوئي ج41 ص394
الشيخ جعفر السبحاني : صحيحة شبهات وردود ص138 
الميرزا جواد التبريزي :موثقة اسس الحدود والتعزيرات ص 414 

ويمكن قراءة الروايات الكثيرة التي نقلها العلماء عن اهل البيت الدالة على هذا الحكم الشرعي في كتاب وسائل الشيعة ج18 من الوسائل باب حد المرتد 

ويرد المسلمين المنكرين لهذا الحد بردود :
1-ان هذا الحكم مخالف لقول الله تعالى : لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ 
وللرد نقول : ان هذا نابع من فهم وتفسير الاية بشكل غير صحيح 
قال علي بن ابراهيم : أي لا يكره أحد على دينه إلاّ بعد أن قد تبين له الرشد من الغي.
وكذلك ان معنى الاية انه لا اكراه في الميزان الكوني فلا يجبر الله شخص على الايمان لانه لا يصبح غير مأجور على هذا الايمان ولا فائدة منه مطلقاً وقد يقول شخص فاذا لماذا يجبر المسلمين الناس على الايمان نقول : ان المسلمين لا يجبرون الناس على الايمان بل على اظهار الاسلام واما الحقيقة والباطن فالله يتولى السرائر ويكون معنى الاية ايضاً انه اخبار لا انشاء حكمي بمعنى ان من كان كافراً نعامله معاملة الكافر ومن كان مؤمن نعامله معاملة المؤمن ومن هذه الامور حد الردة كما قال السيد صباح شبر حفظه الله

2-ان هذا الحكم غير ثابت في القرأن بل في السنة فقط وقد قدمنا دليل على ثبات الحكم في القرأن كما سبق وايضاً نقول ان عدم ورود حكم في القرأن لا يجعله باطلاً فنحن مؤمنين بأن دين الله من الكتاب والعترة الطاهرة وليس من القرأن فقط بل ان اكثر الاحكام هي من السنة وليس من القرأن قال الميرزا حسين النوري رحمه الله : 
فإن ادلة الاحكام وإن كانت اربعة : الكتاب والسنة والعقل والاجماع على ما هو المشهور بين الفقهاء الا ان الناظر في فروع الدين يعلم ان ما استبط منها من غير السنة اقل قليل وانها[اي السنة] العمدة في استعلام الفرائض والسنن والحلال والحرام . خاتمة المستدرك ج3 الفائدة الرابعة .

3-ان الغربي اذا عرف ان الاسلام يقول بقتل من يغير دينه فسوف يترك هذا الدين فنقول ان الناس يتفننون في طرق رفضهم للاسلام واستنكارهم على حد الردة لا يجعل الحد غير صحيح لان الاسلام لم ينزل لأرضاء اهل الضلال او التودد لهم واي شخص ينظر الى حكم واحد من الاسلام دون كل الاسلام فهو ينظر بعين عوراء فبعض الغربيين يرون الحج عادة وثنية بقيت في الاسلام وهذا لا يجعلنا نرمي الحج حتى نرضيهم او ننكر الحج ووجوبه 

4-ان الشبهات تعرض في عقول الناس بدون ان يكون لهم دخل في هذا الامر فكيف تأخذ الناس بالشبهة التي تطرأ عليهم ويقتلون . 
وللرد ان العلماء يقولون صراحة ان الذي ينكر من الاسلام شيء  لشبهة عرضت له او لجهله ليس عليه شيء بعد ان يتكلم معه علماء المسلمين ويوضحوا له الدين بشكل صحيح الا ان الشبهة لها شروطها في الحصول يقول العلامة البهبهاني : 

ان كل من أنكر ضروري الدين يكون خارجا عنه عند الفقهاء إذا لم يحتمل فيها الشبهة الا ان يكون قريب العهد بالاسلام أو ساكنا في بلاد الكفار معيشا فيها بحيث أمكن في شانه عروض الشبهة كتاب الطهارة للشيخ مرتضى الانصاري ج2 ص354 

فتنتهي الشبهة ويدخل الارتداد اذا عرف الشخص ان هذا من ثوابت الاسلام التي يجب عليه الايمان بها 


اما اذا كان الشخص غير مسلم 

فنقول اذا كان المنكر يهودياً او نصرانياً فشبهته مردودة عليه بثبات حكم الردة في الكتاب المقدس : 
سفر التثنية الاصحاح 13 العدد 6-10
إذا أغواك سرا أخوك ابن أمك، أو ابنك أو ابنتك أو امرأة حضنك، أو صاحبك الذي مثل نفسك قائلا: نذهب ونعبد آلهة أخرى لم تعرفها أنت ولا آباؤك

 من آلهة الشعوب الذين حولك، القريبين منك أو البعيدين عنك، من أقصاء الأرض إلى أقصائها

 فلا ترض منه ولا تسمع له ولا تشفق عينك عليه، ولا ترق له ولا تستره

 بل قتلا تقتله. يدك تكون عليه أولا لقتله، ثم أيدي جميع الشعب أخيرا


 ترجمه بالحجارة حتى يموت، لأنه التمس أن يطوحك عن الرب إلهك الذي أخرجك من أرض مصر من بيت العبودية

في رسالة بولس الى العبرانيين الاصحاح 10 العدد 28 : 
مَنْ خَالَفَ نَامُوسَ مُوسَى فَعَلَى شَاهِدَيْنِ أَوْ ثَلاَثَةِ شُهُودٍ يَمُوتُ بِدُونِ رَأْفَةٍ.

وناموس موسى هو شريعة موسى فمن خالفها يقتل بشاهدين او ثلاث 

اما اذا كان لا ديني او ملحد فنقول : 

بعد ان جعل الاسلام الركن الاساسي في المجتمع هو الدين اصبح هذا الدين هو معيار امان المجتمع فمثلاً من يخون بلده الجغرافي في وقتنا الحالي يعاقب بالقتل او السجن مدى الحياة لان الرابط الاجتماعي حالياً هو جغرافية هذه الدولة والولاء لها ومعادات اعدائها فالاسلام حول الرابطة بين الناس من الجغرافية والعرق والقومية الى الرابط الديني وبالتالي من المعقول ان يعاقب الخائن لهذا الدين لانه الرابط الاجتماعي وكون الملحد او اللاديني يرى حرية الاعتقاد فهذا لا يجعله مقياس الحق والباطل خصوصاً اذا علمنا ان الانسان وقيمته عند الملحدين لا تسوي شيء وعلى قول الملحد ستيفن هوكنز الانسان مجرد حثالة كيميائية على كوكب متوسط الحجم فأي حديث عن قيمة حرية المعتقد وقيمة الانسان لا يوجد لها دليل من "العلم التجريبي" بل مبني على ما تراكم من انتاج الامم والشعوب فلم يجعل الملحد واللاديني نظرة الغرب للدين قاعدة يجب على كل البشر ان يسيروا عليها ؟ 

هذا والحمد لله رب العالمين . 


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

دليل الحدوث -مفصل-

ازلية الطاقة -محسن-

هل يوجد في القرأن اخطاء املائية او نحوية ؟